الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نزع الخافض في الدرس النحوي
وفي كون حرف الجر الداخل على كم الاستفهامية عوضا من المحذوف نظر، وذلك لأن العوض لا وظيفة له على مستوى الدلالة أو التركيب، وإنما يؤتى به لإكمال نقص لفظي حسب (1)، وحرف الجر الداخل على كم ذو دلالة وظيفية، ووظيفة تركيبية، فلا يصلح أن يكون عوضا، ثم إنه لو كان عوضا من المحذوف لتعين جر المميز، لأن نزع الجار مع التعويض منه مبق لعمله (2)، فلما لم يكن التعويض هاهنا ظاهرا عبر عنه أبو حيان بما لا يفيد القطع به في قوله: "وكأن دخول حرف الجر على كم عوض من حرف الجر المحذوف من التمييز" (3).لذلك يترجح- في نظر الباحث- عدم اشتراط دخول حرف الجر على كم الاستفهامية لجر مميزها بل يجوز جره مطلقا كما ذهب إليه جماعة منهم الفراء والزجاج وابن السراج والسيرافي (4)، وأن الأصل في مميزها الجر بحرف الجر وأما النصب فصورة محولة عن الأصل وذلك لما يأتي:أن الأصل في المميز جره بمن كما تقدم في بحث التمييز (5)، يقول سيبويه في نحو قولك: عشرون درهما، وكم لك درهما: "إنما أرادوا: عشرين من الدراهم، وهذا معنى الكلام ولكنهم حذفوا الألف واللام، وصيروه إلى الواحد، وحذفوا من استخفافا... وكذلك كم، إنما أرادوا كم لك من الدراهم، أو كم من الدراهم لك" (6) وأصرح منه قول المبرد: "لما اجتمع في كم الاستفهامية وأنها تقع سؤالا عن واحد كما تقع سؤالا عن جمع... دخلت من على الأصل، ودخلت في التي هي خبر لأنها في العدد والإبهام كهذه" (7).- - - - - - - - - -(1) ينظر: ظاهرة التعويض (بحث): 4.(2) ينظر: التوطئة: 256، وشرح الجمل لابن عصفور: 1 /543- 544.(3) النكت الحسان: 174.(4) ينظر: ارتشاف الضرب: 1 /378، ومغني اللبيب: 245، وشرح الأشموني: 4 /80.(5) ينظر: 151.(6) كتاب سيبويه: 2 /157- 158. وينظر: الأصول في النحو: 1 /315.(7) المقتضب: وينظر: دراسات لأسلوب القرآن الكريم: ق1 /ج2 /400.
النسخة المطبوعة رقم الصفحة: 296- مجلد رقم: 1
|